0

في كلّ قطرة من المطرْ
حمراء أو صفراء من أجنَّةِ الزَّهَرْ
وكلّ دمعة من الجياع والعراة
وكلّ قطرةٍ تراق من دم العبيدْ
فهي ابتسامٌ في انتظار مبسمٍ جديد
أو حُلمةٌ تورَّدت على فم الوليدْ
في عالم الغد الفتيّ ، واهب الحياة
ويهطل المطرْ
..........................................
بدر شاكر السياب

السبت، 8 سبتمبر 2012

اللي برجو بالمرمى يموت في سطل بغلي




قبالة جزيرة لمبيوني التي تبعد خمسين ميلا عن لامبادوزا الإيطاليا ابتلع البحر مركب صيد كبير يبلغ طوله عشر أمتار  يقل حوالي 110 من التوانسة الحالمين بأموال أوروبا و العيش الكريم


110 مواطنا أنقذت منهم الزوارق السريعة الإيطالية وسفن الناتو الحربية وبعض الطائرات العمودية   56 فردا بينهم امراة في حين لا يزال البحث جاريا عن ناجين
أمهات ثكالى تتلوى لوعة عن فقدان فلذات الكباد

54 ماتوا قبل ان يحققوا أحلامهم بالوصول إلى إوروبا
 
 بالطبع و كعادة الراكبين على الأحداث تم استغلال الفاجعة بسفج و قبح و دنائة...
وبعد أن كان الحارقون أشرار تخلصت تونس منهم و زوفرة وامارك متاع حبوسات و يستاهلوا و آش لزهم و جابولنا الفضح و الوباء و الكرّادي  وكل العبارات البذيئة الرخيصة تجاه من حرقوا ايام حكم باجي قايد السبسي او باجي قايد الفلول 
اختفت كل هذه العبارات فجأة و تحول الحارقون إلى شهداء و و تحول سبهم إلى ترحم  خاشع لهم و انسكبت بدل العبرات دماءا تنضح على مواطنين تم إهمالهم في عهد الحكومة الإسلامية الماسكة بزمام الأمور

اما الطرف المقابل فقد مر بجانب الحدث كأن هؤلاء ليسوا بتونسيين و ليسوا بمواطنين

وإلى ساعة كتابة هذه التدوينة لم يخرج علينا مسؤول ليترحم على من مات ليحسن أوضاعا يئس من تحسينها في بلاده 
لا... فهم منهمكون في تزويج جماعي خيري تنقله الجزيرة على الهواء مباشرة
أما صفحاتهم على  الفايسبوك فإنها أيضا  تنقل المراسم بابتهاج بينما قلوب اخرى تتلوى بحزن لا يعلم قدره إلا الله

الصفحات تنقل الزيارة الفجئية التاريخية للديوانة الصفحات مشغولة بالرد على نوفل الورتاني  الصفحات في لغط دائم و حملات ممنهجة ضد كل من تسول له نفسه القدح في .... الحكومة الشرعية
الحارق مخطئ لأنه عرض حياته للخطر هذا أكيد و لكن الحارق زوالي
 ليست له أملاك كأملاك جراد 
 و لا سيارة  كسيارة  حمى الهمامي 
و  لا ملايين كملايين كتبة الدستور
 و لا شركات كشركات وزراء الحكومة
 و لا أصدقاء كأصدقاء حمادي الجبالي 
الحارق انتظر ال400 فرصة عمل التي وعد بها نورالدين البحيري  ذات مساء فطال انتظاره دون جدوى
الحارق حلم   منذ ما يقرب عن العامين من  ثورة قيل له أنها ثورة كرامة....
 أن تتحسن أوضاعه  فإذا  به يرى أغبياءا
 في مجلس تـاسيسي
 يصيحون ويتصارعون...
 و يقبضون الملايين أجرا لصراعهم و لغطهم 
الحارق يرى نفسه كل يوم يموت  آلاف المرات
 بينما يرى من تقاسوا الأدوار بين حاكم ومعارض
 يرهقون أنفسهم بمسائل لا تعنيه 
 بالنقاب و المرأة و المساواة
 و السلفية
 والفنانين التوانسة في  المهرجانات 
و الشريعة 
وقصر العبدلية
 و الديمقراطية
 ووجدي غنيم 
وسمير  القنطار و الشيعة 
و الشيوعية 
 و غيرها من المسائل التي لم تسهم في التخفيض في ثمن الخبز
الحارق أدرك بعد حين ان لا شئ تغير

 و أن ألأغنياء بقوا أغنياء و أن الفقراء ازدادوا فقرا 
و أن كل الساسة كاذبون و أن الظل لا يستوي و العود أعوج و أن اللي برجو بالمرمى يموت في سطل بغلي 

يا نرجع لاباس عليا يا نروح في صندوق   

وياكلني الحوت ولا نعيش في بلادي مهان
أطلبوا لهم الرحمة عسى أن يجدوا عند الله ما لم يجدوه عند خلقه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق